تتميز دولة الإمارات بمكانتها الثقافية الرائدة دولياً وجهودها الجبارة في الحفاظ على الإرث الإنساني والمعنوي باعتباره واحداً من مصادر قواها الناعمة، حيث نجحت في إدراج 13 عنصراً في قائمة التراث الثقافي غير المادي لمنظمة «اليونيسكو» وهي: الصقارة، السدو، التلي، العيالة، الرزفة، التغرودة، العازي، المجلس، القهوة العربية، النخلة، الأفلاج، سباق الهجن، والخط العربي. كما أشارت إحصاءات إلى تزايد عدد المتاحف لتصل إلى 34 متحفاً من بينها أبرز المتاحف العالمية كمتحف اللوفر ومتحف المستقبل الذي يحاكي العقول لتخيل ما تنتظره المجتمعات الإنسانية في العقود القادمة، ومتحف الاتحاد الذي يروي قصة نجاح إماراتنا الحبيبة، إلى جانب المبادرات والمشاريع الثقافية والأدبية المتنوعة التي من شأنها تخريج جيل من الشباب المنفتح فكرياً والملم بثقافة وتاريخ وحضارة الإمارات ونهضتها.
وانطلاقاً من اهتمام القيادة الرشيدة بتعزيز سمعة الدولة وقوتها الناعمة، طرحت خلال رسالتي الخاصة بشهادة الماجستير فكرة إنشاء المتحف الوطني للإعلام، بهدف تعزيز مكانة الإمارات الثقافية دولياً وصدارتها في مجال التطور الإعلامي من الصحافة الشعبية إلى ما بعد «إعلام الميتافيرس»، وليكون مركزاً تثقيفياً يرصد تاريخ الإعلام الإماراتي ويوثق جميع مراحله ومجالاته ويبرز إسهاماته التنموية المستدامة في بناء الوطن.
ويعد المتحف الوطني للإعلام نوعاً جديداً من أنواع السياحة الثقافية في دولة الإمارات يتماشى مع استراتيجياتها الوطنية في استقطاب المتاحف والجامعات الدولية والمراكز المتخصصة، ومنبراً ثقافياً معززاً للهوية الوطنية والابتكار وتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي يسهم في تنشئة مجتمع واعٍ بأهمية المتاحف كوجهة ثقافية وتعليمية جاذبة وممتعة.
وبعد الاطلاع على أفضل الممارسات في كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية في هذا المجال، قارنت دراستي بالمتحف الوطني للإعلام البريطاني الذي يؤرخ لمختلف وسائل الإعلام، وجاءت الفكرة تأكيداً لأهمية دور وسائل الإعلام في رصد التطور التاريخي للدولة خاصة أن المحتوى الإعلامي يؤرخ لمعلومات وحقائق ويروي قصص نجاحات الإمارات التي حققت مراكز متقدمة في تقارير التنافسية العالمية.
إن تبني فكرة تأسيس المتحف الوطني للإعلام من شأنه رفع الوعي بالمسؤولية المجتمعية وتشجيع التعاون بين أفراد المجتمع والجهات الحكومية المختلفة والمبدعين والمختصين على المساهمة الإيجابية في التطوع من خلال التبرع بالمقتنيات والإصدارات والمطبوعات، أو المساهمة في التأريخ والتوثيق الشفاهي لمجال الإعلام الإماراتي. إضافة إلى أن المتحف سيكون واجهة تعليمية لطلاب العلم والتعريف بمختلف وسائل الإعلام والإصدارات والمطبوعات الرقمية والقوانين والوثائق الإعلامية والصناعات الإعلامية الحديثة والفعاليات والجوائز الإعلامية والأفلام السينمائية، والاحتفاء بالرعيل الأول من الإعلاميين وتقدير المؤثرين من أصحاب المحتوى الرصين والهادف، والاستثمار في شباب الوطن من خلال تسليحهم بالعلوم والمهارات البحثية وتثقيفهم بتاريخ الإعلام الإماراتي، وتوفير الوظائف والفرص التدريبية المناسبة لهم، وتنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط بهدف تحقيق التنمية المستدامة.