تعتبر الصناعات الثقافية والإبداعات البشرية من عناصر القوة الناعمة التي تسهم بحفظ ونشر الإرث الثقافي والإنساني والتعريف به بين الشعوب، ومؤخراً، شهدت هذه الصناعات نمواً وازدهاراً على صعيد المبدعين والموهوبين والمخرجات الثقافية والاستثمارات والبنى التحتية الحاضنة للموهوبين وإبداعاتهم.
وتعرّف «اليونيسكو» الصناعات الثقافية بأنها الصناعات التي تجسد أو تنقل أشكالاً للتعبير الثقافي في أي مجتمع مثل الأدب والنشر والموسيقى والسينما وفن التصميم، ومفهومها الإماراتي هو الصناعات التي تعتمد على عناصر الفكر والابتكار والإنتاج والتوزيع والنشر والترويج للمنتجات والخدمات ذات الصلة بالتعبير الإبداعي وحفظ الإرث الثقافي، والتي يؤثر نموها وانتشارها إيجاباً على القطاعين الاقتصادي والاجتماعي.
المتتبع لتاريخ ونهضة دولة الإمارات يدرك تماماً حرصها على الاهتمام بالصناعات الثقافية منذ التأسيس، وذلك من خلال المشاريع والمبادرات والقوانين والتشريعات وغيرها الكثير، منها إطلاق الاستراتيجية الوطنية للصناعات الثقافية والإبداعية التي جاءت لتؤكد حرص القيادة الرشيدة على مواصلة دعم مستقبل الاقتصاد الإبداعي للخمسين عاماً المقبلة، وتعزيز حضورها، والتأكيد على مكانتها الرائدة كوجهة عالمية منفتحة جاذبة للخبرات والمواهب الإبداعية من كل بقاع الأرض وبيئة مناسبة لتأسيس وتطوير مشاريعهم، ما يزيد نسبة مساهمته لتصل إلى 5% من إجمالي الناتج المحلي بحلول العام 2031، كونه واحداً من أهم 10 صناعات اقتصادية في الدولة.
وتسلط الاستراتيجية الضوء على تعزيز العلاقات التشاركية وتحقيق التكامل الاستراتيجي بين القطاعات، الاتحادي والمحلي والخاص والدولي والمؤسسات التعليمية والأكاديمية، بهدف تحقيق مراكز تنافسية متقدمة في التقارير العالمية، ونشر الوعي بأهمية الصناعات الثقافية، وتشجيع الشباب والجيل الجديد للتميز وصناعة محتوى مبتكر ومبدع وترك بصمة إنسانية وتحقيق التواصل البشري الهادف والفعال.
من المهم أن يبادر أفراد المجتمع بالمساهمة في إثراء الصناعات الثقافية ونقل النموذج الإماراتي كعلامة ذات قيمة مضافة من خلال مشاركاتهم ومبادراتهم ومشاريعهم وأفكارهم الابتكارية التي تندرج ضمن التراث الطبيعي والثقافي، والإعلام المسموع والمرئي والتفاعلي، وتقنيات التلعيب والفنون البصرية والحرف والتصميم والخدمات الإبداعية والكتب والاحتفالات والشعر والنثر والأدب. ولابد من التحلي بالمرونة والاستفادة من التطور التقني واستخدام قنوات الاتصال ومنصات الإعلام الافتراضية وبرامج الذكاء الاصطناعي وتوظيفها بطريقة إيجابية وتفاعلية تسهم في نشر هذه الصناعات محلياً ودولياً، وضرورة التأكد من مراعاة حفظ حقوق الملكية الفكرية حسب الإجراءات المتبعة لدى الجهات المعنية.